اتفاقية سايكس بيكو: تقسيم الشرق الأوسط، اتفاقية سايكس بيكو هي اتفاقية سرية تم توقيعها في 16 مايو 1916 بين فرنسا والمملكة المتحدة، بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا، على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، ولتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا وتقسيم الدولة العثمانية التي كانت المسيطرة على تلك المنطقة في الحرب العالمية الأولى.
تم الاتفاق على تقسيم منطقة الهلال الخصيب إلى أربع مناطق:
- المنطقة الشمالية (المعروفة باسم سوريا الكبرى): تقع شمال نهر الفرات، وتشمل سوريا ولبنان والأردن الحاليين. وكان من المقرر أن تكون تحت الانتداب الفرنسي.
- المنطقة الجنوبية (المعروفة باسم العراق العربي): تقع جنوب نهر الفرات، وتشمل العراق الحالي. وكان من المقرر أن تكون تحت الانتداب البريطاني.
- المنطقة العربية (المعروفة باسم سوريا العثمانية): تقع بين منطقة سوريا الكبرى ومنطقة العراق العربي، وتشمل فلسطين ولبنان وسوريا الحالية. وكان من المقرر أن تكون تحت حكم عربي مستقل، ولكنه سيكون تحت الوصاية الفرنسية والبريطانية.
- المنطقة الدولية (المعروفة باسم فلسطين): تقع على البحر المتوسط، وتشمل فلسطين الحالية. وكان من المقرر أن تكون تحت إدارة دولية، ولكن كان من المفترض أن يكون لها أغلبية يهودية.
لم يتم نشر الاتفاقية بشكل علني حتى عام 1917، عندما نشرتها الحكومة الروسية البلشفية بعد ثورة أكتوبر. أثار نشر الاتفاقية ردود فعل غاضبة في العالم العربي، حيث اعتبرها الكثيرون خيانة للتعهدات التي قطعتها بريطانيا لزعماء العرب الذين قاتلوا إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولى.
كان لاتفاقية سايكس بيكو تأثير كبير على تشكيل الشرق الأوسط الحديث. فقد أدت إلى تقسيم المنطقة إلى دول مختلفة، وإلى ظهور الصراع العربي الإسرائيلي.
الأهمية التاريخية للاتفاقية
تُعد اتفاقية سايكس بيكو من أهم الاتفاقيات في تاريخ الشرق الأوسط. فقد كانت لها تأثير عميق على تشكيل المنطقة، وساهمت في خلق العديد من المشاكل السياسية والأمنية التي لا تزال قائمة حتى اليوم.
من أهم النقاط التي تبرز أهمية الاتفاقية ما يلي:
- كانت الاتفاقية بمثابة إعلان عن نهاية الحكم العثماني في منطقة الهلال الخصيب. فقد أدى تقسيم المنطقة إلى الدول الفرنسية والبريطانية إلى إزالة الدولة العثمانية من المنطقة، وفتح الباب أمام قوى أوروبية أخرى للتدخل في المنطقة.
- ساهمت الاتفاقية في ظهور الصراع العربي الإسرائيلي. فقد نصت الاتفاقية على إنشاء دولة عربية مستقلة في فلسطين، ولكن تم تقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة عربية وأخرى يهودية، بعد الحرب العالمية الثانية. وقد أدى ذلك إلى نشوب الصراع العربي الإسرائيلي الذي لا يزال قائماً حتى اليوم.
- كانت الاتفاقية بمثابة تحدٍ للقومية العربية. فقد اعتبر الكثير من العرب أن الاتفاقية خيانة للتعهدات التي قطعتها بريطانيا لزعماء العرب الذين قاتلوا إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. وقد أدى ذلك إلى زيادة الشعور القومي العربي، وإلى ظهور العديد من الحركات القومية العربية في المنطقة.
النتائج المترتبة على الاتفاقية
كانت نتائج اتفاقية سايكس بيكو عديدة ومتنوعة، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
- تقسيم منطقة الهلال الخصيب إلى دول مختلفة. فقد أصبحت سوريا ولبنان والأردن والعراق دولاً مستقلة بعد الحرب العالمية الأولى، ولكن تم تقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة عربية وأخرى يهودية.
- ظهور الصراع العربي الإسرائيلي. فقد أدى تقسيم فلسطين إلى دولتين إلى نشوب الصراع العربي الإسرائيلي الذي لا يزال قائماً حتى اليوم.
- زيادة الشعور القومي العربي. فقد اعتبر الكثير من العرب أن اتفاقية سايكس بيكو خيانة للتعهدات التي قطعتها بريطانيا لزعماء العرب الذين قاتلوا إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. وقد أدى ذلك إلى زيادة الشعور القومي العربي، وإلى ظهور العديد من الحركات القومية العربية في المنطقة.
- التدخل الأوروبي في الشرق الأوسط. فقد فتحت الاتفاقية الباب أمام قوى أوروبية أخرى للتدخل في المنطقة، وخاصة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
- لا تزال اتفاقية سايكس بيكو تثير الجدل حتى اليوم. فهناك من يعتقد أن الاتفاقية كانت ضرورية لضمان مصالح الدول الأوروبية في الشرق الأوسط، وهناك من يعتقد أنها كانت خيانة للشعب العربي.
متى تنتهي اتفاقية سايكس بيكو
انتهت اتفاقية سايكس بيكو عملياً في عام 1920، عندما تم تقسيم منطقة الهلال الخصيب إلى مناطق نفوذ بين فرنسا وبريطانيا، وأصبح كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق دولاً مستقلة. ومع ذلك، لا يزال هناك جدل حول ما إذا كانت الاتفاقية قد انتهت بشكل قانوني أم لا.
تنص الاتفاقية على أن تكون منطقة فلسطين تحت إدارة دولية، ولكن لم يتم تنفيذ هذا البند أبداً. بدلاً من ذلك، تم تقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة عربية وأخرى يهودية، في عام 1947. وقد أدى ذلك إلى نشوب الصراع العربي الإسرائيلي الذي لا يزال قائماً حتى اليوم.
يعتقد الكثير من العرب أن اتفاقية سايكس بيكو لا تزال سارية المفعول، لأنها لم يتم إلغاؤها رسمياً. يؤكدون أن الاتفاقية كانت غير عادلة وغير أخلاقية، وأنها لا تزال تؤثر على الوضع السياسي في المنطقة اليوم. من ناحية أخرى، يعتقد البعض أن اتفاقية سايكس بيكو انتهت عملياً في عام 1920، عندما تم تقسيم منطقة الهلال الخصيب إلى دول مستقلة. يؤكدون أن الاتفاقية كانت مجرد اتفاق سياسي بين الدول الأوروبية، وأنها لا تمتلك أي قوة قانونية.
في النهاية، فإن مسألة ما إذا كانت اتفاقية سايكس بيكو قد انتهت أم لا هي مسألة رأي. لا يوجد إجماع دولي على هذا الموضوع، ومن المرجح أن يستمر الجدل حوله لسنوات قادمة.
اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور
هناك علاقة تاريخية مهمة بين اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور، إذ ترتبط كلتاهما بتقسيم منطقة الهلال الخصيب وإعادة تشكيل الخارطة السياسية للشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى.
اتفاقية سايكس بيكو (1916):
اتفاقية سرية بين بريطانيا وفرنسا تقسم منطقة الهلال الخصيب (تشمل سوريا والعراق وفلسطين والأردن) إلى مناطق نفوذ.
تهدف لضمان المصالح الاستعمارية الأوروبية بعد انهيار الدولة العثمانية.
أثارت استياءً وغضبًا واسعًا لدى العرب بسبب خيانة الوعود بحكم مستقل.
وعد بلفور (1917):
تصريح من الحكومة البريطانية لزعيم صهيوني يدعم إنشاء “وطن قومي لليهود في فلسطين”.
لم يحدد حجم أو حدود “الوطن القومي” ولا حقوق السكان الأصلية (الفلسطينيين).
ساهم في زيادة الهجرة اليهودية إلى فلسطين ووضع الأساس لإنشاء دولة إسرائيل لاحقًا.
علاقة الاتفاقية ووعد بلفور:
رغم كونهما وثيقتين منفصلتين، إلا أنهما مرتبطان تاريخيًا وتأثرا ببعضهما البعض:
اتفاقية سايكس بيكو منحت فلسطين لبريطانيا، مما منحها سلطةً أكبر فيما يتعلق بوعد بلفور.
وعد بلفور أثار مخاوف العرب من فقدان سيادتهم على فلسطين، حيث رأت بعض القيادات العربية الوعد متعارضًا مع اتفاقيات سابقة حول الاستقلال العربي.
كلاهما يواجهان انتقادات بشأن شرعيتهما وإثارة النزاع وعدم مراعاة حقوق الشعوب الأصلية.
تداعيات العلاقة:
تشكلت دول جديدة في المنطقة بموجب اتفاقية سايكس بيكو، ولكن مع حدود مصطنعة لم تراعي التجانس الثقافي والديني، ما ساهم في نشوب صراعات لاحقة. وعد بلفور ساهم في تصاعد الوجود اليهودي في فلسطين، وخلق توترات مع السكان العرب وصولًا إلى قيام دولة إسرائيل عام 1948، وتفاقم الصراع العربي الإسرائيلي حتى اليوم.
أهمية فهم العلاقة:
يوفر فهم العلاقة بين الاتفاقية ووعد بلفور خلفية تاريخية أفضل للنزاع العربي الإسرائيلي المعقد. يبرز مدى تأثير القوى الاستعمارية في تشكيل المنطقة وزرع بذور الصراع المستمر. يحفز على التفكير النقدي في شرعية الاتفاقيات والتعهدات التاريخية في ضوء الواقع الراهن وضرورة مراعاة حقوق جميع الأطراف المعنية.