خطيب الأنبياء: شعيب عليه السلام، شعيب بن ميكائيل بن يافث بن نوح، نبي من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، أرسله الله تعالى إلى قوم مدين، وهم من العرب الذين سكنوا شمال الجزيرة العربية، لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بـ “خطيب الأنبياء”، وذلك لبلاغته وفصاحته في الكلام، وقدرته على الإقناع، فقد كان يخاطب قومه بأسلوب مؤثر، ويذكرهم بنعم الله تعالى عليهم، ويحذرهم من سوء أعمالهم.
دعا شعيب عليه السلام قومه إلى عبادة الله تعالى وحده، وترك عبادة الأوثان، وأمرهم بإيفاء الكيل والميزان، والصدق والأمانة، وعدم قطع الطريق، والعدل بين الناس.
استجابته لنداء الله تعالى
استجاب شعيب عليه السلام لدعوة الله تعالى، وقام ببلاغها إلى قومه بكل شجاعة وإخلاص، ولم يتردد في مواجهة قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام، ويظلمون الناس، ويقطعون الطريق.
واجه شعيب عليه السلام قومه بكل حكمة وصبر، وحذرهم من عذاب الله تعالى إن لم يؤمنوا بالله تعالى، وتركوا عبادة الأوثان، وساروا على الصراط المستقيم، ولكن قومه أصروا على كفرهم وظلمهم، فدعا عليهم الله تعالى، فأرسل عليهم عذابًا شديدًا، فأهلكهم الله تعالى جميعًا.
مكانته في الإسلام
له مكانة عظيمة في الإسلام، فهو من الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم، وقد أثنى الله تعالى عليه في كتابه، فقال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَخْسِرُوا الْمِكْيَالَ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (84) وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (85) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (86) قَالَ إِنَّ خَسَارَتَنَا إِنْ كَانَتْ إِلَّا عَلَى أَنْفُسِنَا وَلَكِنْ نَحْنُ نَظُنُّ أَنَّكُمْ مُخْطِئُونَ (87)).
دروس وعبر من قصة سيدنا شعيب
نستلهم من قصة شعيب عليه السلام عدة دروس وعبر، منها:
- أهمية البلاغة والفصاحة في الدعوة إلى الله تعالى.
- ضرورة مواجهة الظلم والفساد بكل شجاعة وصبر.
- أهمية الإيمان بالله تعالى، والابتعاد عن عبادة الأوثان.
- ضرورة الالتزام بقيم العدل والأمانة في التعامل مع الناس.
- شعيب عليه السلام نبي من الأنبياء الذين سطروا أروع الأمثلة في الدعوة إلى الله تعالى، والصبر على مواجهة الظلم .
سبب تسمية سيدنا شعيب بخطيب الانبياء
أطلق على نبي الله شعيب عليه السلام لقب “خطيب الأنبياء” للأسباب التالية:
- بلاغته وفصاحته في الكلام: كان شعيب عليه السلام فصيحاً بليغًا، يجيد استخدام اللغة العربية الفصحى بكل طلاقة واقتدار، وكان كلامه يجمع بين العاطفة والعقل، ويؤثر في الناس ويجعلهم يستمعون إليه باهتمام.
- قدرته على الإقناع: كان شعيب عليه السلام يمتلك قدرة كبيرة على الإقناع، فكان يخاطب قومه بأسلوب مؤثر، ويذكرهم بنعم الله تعالى عليهم، ويحذرهم من سوء أعمالهم، وكان كلامه يترك أثرًا عميقًا في نفوسهم.
- مواجهته لقومه بأسلوب حكيم: لم يتردد شعيب عليه السلام في مواجهة قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام، ويظلمون الناس، ويقطعون الطريق، وكان يواجههم بكل حكمة وصبر، ويدعوهم إلى عبادة الله تعالى وحده، وترك عبادة الأصنام، والسير على الصراط المستقيم.
أمثلة على بلاغة وفصاحة سيدنا شعيب عليه السلام
وردت في القرآن الكريم عدة آيات تبين بلاغة وفصاحة سيدنا شعيب عليه السلام، منها:
- قوله تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَخْسِرُوا الْمِكْيَالَ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (84) وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (85)).
- قوله تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (98)).
- قوله تعالى: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا عَهْدُكَ الَّذِي وَاثَقْتَنَا بِهِ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)).
أثر بلاغة وفصاحة سيدنا شعيب عليه السلام
كان لبلاغة وفصاحة سيدنا شعيب عليه السلام أثر كبير في دعوته إلى الله تعالى، فقد تمكن من جذب انتباه قومه، وإقناعهم بترك عبادة الأصنام، والسير على الصراط المستقيم، وقد ساعده ذلك في تحويل عدد كبير من قومه إلى الإيمان بالله تعالى.
ما هي معجزة النبي شعيب عليه السلام؟
لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية ذكر معجزة محددة للنبي شعيب عليه السلام، ولكن وردت بعض الآيات التي تشير إلى أن الله تعالى قد أعطاه معجزات، منها:
قوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (86) قَالَ إِنَّ خَسَارَتَنَا إِنْ كَانَتْ إِلَّا عَلَى أَنْفُسِنَا وَلَكِنْ نَحْنُ نَظُنُّ أَنَّكُمْ مُخْطِئُونَ (87)).
ففي هذه الآيات يصف قوم شعيب عليه السلام دعوته بأنها خسارة، وذلك يدل على أن الله تعالى قد أعطاه معجزات أظهرت صدق دعوته، وجعلت قومه يعتقدون أنه مخطئ.
قوله تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91)).
ففي هذه الآية يشير الله تعالى إلى عذاب قوم شعيب عليه السلام، وذلك يدل على أن الله تعالى قد أعطاه معجزة كانت سببًا في عذاب قومه.
وبناءً على هذه الآيات، يمكن القول أن معجزة النبي شعيب عليه السلام كانت عبارة عن قدرة إلهية أظهرت صدق دعوته، وجعلت قومه يعتقدون أنه مخطئ، وقد كان هذا السبب في عذابهم.